الحمد لله الذي حرم على عباده الظلم والطغيان، وأوعد الظالمين بالعقوبة والخسران، وجعل دعوة المظلوم مستجابة لإقامة العدل والميزان، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليمًا كثيرا .
وبعد:
فإن الظلم عاقبته وخيمة، ولا يصدر إلا من النفوس الخبثة ، آثاره متعدية خطيرة، والمتأمل لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يجد نصوصًا كثيرة ومنها
قال تعالى (وَلا تَحسَبَنَّ اللَّـهَ غافِلًا عَمّا يَعمَلُ الظّالِمونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ* مُهطِعينَ مُقنِعي رُءوسِهِم لا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَأَفئِدَتُهُم هَواءٌ)
قال تعالى (وَقالَ الَّذينَ كَفَروا لِرُسُلِهِم لَنُخرِجَنَّكُم مِن أَرضِنا أَو لَتَعودُنَّ في مِلَّتِنا فَأَوحى إِلَيهِم رَبُّهُم لَنُهلِكَنَّ الظّالِمينَ
قال تعالى (وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أُولـئِكَ يُعرَضونَ عَلى رَبِّهِم وَيَقولُ الأَشهادُ هـؤُلاءِ الَّذينَ كَذَبوا عَلى رَبِّهِم أَلا لَعنَةُ اللَّـهِ عَلَى الظّالِمينَ)
وإذا كان الأمر كذالك فما بال أقوام يظلمون الناس بغير حق، ويفتنون العباد ويظنون أن السلطة التي في أيديهم والمال الذي في خزائنهم والقوة التي في أجسادهم هي حصون تمنعهم من الله تعالى،
والله أيها ظلمة لانفعهم السلطة والمال وغيرهما .
قال الله تعلى :- (وَلا تَحسَبَنَّ اللَّـهَ غافِلًا عَمّا يَعمَلُ الظّالِمونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ* مُهطِعينَ مُقنِعي رُءوسِهِم لا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَأَفئِدَتُهُم هَواءٌ)
ألا فليعلموا أن الله بطشه شديد،
وعن أَبي موسى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
أيها الظالمون :- لاتظنوا أنكم بظلمكم العباد قد نتلتم المراد فلا يستقيم أمر بظلم ، ولا يقوم سلطان بقهر ، ولا يدوم ملك ببغي ، لأنكم بسلوك سبيل الظالمين ، قد فتحتم على أنفسكم الحرب مع الله الواحد القهار ،ومن قدر على حرب الله العزيز الجبار ؟
كما جاء في الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا، فقد آذنته بالحرب.
إعلم أيها الظالمون : - لم كان المظلوم كافرا وظلمته ثم دعا الله فإن الله يستجب دعاءه لا حبا للكافير ولكن حبا للعدل
إذا ظلمت عبدا من عباد الله قد فتحت على أنفسك الحرب مع الله ومع الواحد القهار العزيز الجبار .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" أما دعوة المظلوم فمعناها إذا ظلمك أحد ... فإذا دعوت الله عليه استجاب الله دعاءك، حتى ولو كان المظلوم كافرا ، وظلمته ، ثم دعا الله عليك؛ استجاب الله دعاءه، لا حبا للكافر ، ولكن حبا للعدل، لأن الله حكم عدل ، والمظلوم لابد أن ينصف له من الظالم ،
ولهذا لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له:
( اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ).
فالمظلوم دعوته مستجابة ، إذا دعا على ظالمه بمثل ما ظلمه أو أقل، أما إن تجاوز فإنه يكون معتديا فلا يستجاب له " انتهى من "شرح رياض الصالحين" (4 / 615 - 616).
فلحصل -ألا فاتقوا الله تعالى- مظالم العباد، بأخذ أموالهم، والتعرض لأعراضهم، وتضييق قلوبهم، والإساءة إلى الخلق في معاشرتهم، فإن ما بين العبد وبين الله تعالى فالمغفرة إليه أسرع.
والله أعلم
🔸 👈 من أخيكم أبي ماحي عبد الكريم بن حسن الحبشي
https://t.me/Abumahiasselefi